السلام عليكم
************************************************** *
الحمد لله حمداً حمده به الأنبياء والأولياء والعباد الصالحون والصلاة والتسليم على أنبياء الله و رسله أجمعين ، بالأخص خاتمهم وأفضلهم محمد المصطفى وأهل بيته الذين طهرهم و أذهب عنهم الرجس و جعلهم القدوة للناس إلى يوم الدين .
إخواني الأفاضل، أخواتي الفضليات..
اليوم درسنا مهم جدا، درس كله خشوع و تأنيب لهذه النفس التي لا تستحي من بارئها.
اليوم أهم درس في حياة كل مسلم و مسلمة.
درسنا اليوم عن الخشوع في الصلاة..
الصلاة كما نعلم جميعا أيها الأكارم فهي عماد الدين و أول أركان الإسلام لا بل أهم شرط للإسلام لقول الرسول صلى الله عليه و سلم ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) خرجه الإمام مسلم في صحيحه.
ولقوله أيضا : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) أخرجه الإمام أحمد ، وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح.
فإذا صلحت صلاة المسلم صلح حاله و سعد و إن فسدت فإنه حتما سيحرم من أجرها العظيم و من أكبر لذة في الحياة الدنيا و هي استشعار الخشوع من الله و خشيته.
فالصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح أنى يحيى هذا الجسد و أنى تكون هذه العبادة بدون تركيز و تحضير العقل فيها، يقول جل و علا في سورة المؤمنون "قد أفلح المؤمنون*الذين هم في صلاتهم خاشعون"، هذه الآية التي عند سماعها أو عند المرور بها ينتابنا شعور بالتقصير و لو وقفنا عندها وقفة مع النفس لوددنا أن يعود بنا الزمن إلى أول يوم صلينا فيه لكن هيهآات هيهآات فلن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها فهذه الآية معادلة فاصلة فإن كنا حقا مؤمنين و نريد الفلاح فأين الخشوع في الصلاة ـ أذكر نفسي قبلكم فأنا أيضا من المقصرين..
أيها الأكارم، إن الرسول صلوات ربي و سلامه عليه كان يحتضر بأبي هو و أمي و كان يقول (الله الله الصلاة الله الله الصلاة) أي استوصوا بالصلاة خيرا و لا تضيعوها.
لم نضيعها لكننا ضيعنا حقوقها يقول الإمام العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه الرائع الوابل الصيب من الكلم الطيب الذي أوصيكم بقراءته و خاصة مسلك الصلاة :
"والناس في الصلاة على مراتب خمسة :
ـ احدهما مرتبة الظالم لنفسه المفرط وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها واركانها
ـ الثاني من يحافظ على مواقيتها وحدودها واركانها الظاهرة ووضوئها لكن قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة فذهب مع الوساوس والافكار
ـ الثالث من حافظ على حدودها واركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والافكار فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق صلاته فهو في صلاة وجهاد
ـ الرابع من اذا قام الى الصلاة اكمل حقوقها وركانها وحدودها واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئا منها بل همه كله مصروف الى اقامتها كما ينبغي واكمالها واتمامها قد استغرق قلب شان الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها
ـ الخامس من اذا قام الى الصلاة قام اليها كذلك ولكن مع هذا قد اخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل ناظرا بقلبه اليه مراقبا له ممتلئا من محبته وعظمته كانه يراه ويشاهده وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات وارتفعت حجبها بينه وبين ربه فهذا بينه وبين غيره في الصلاة افضل واعظم مما بين السماء والارض وهذا في صلاته مشغول بربه عز وجل قرير العين به.
* فالقسم الاول معاقب
* والثاني محاسب
* والثالث مكفر عنه
* والرابع مثاب
* والخامس مقرب من ربه لان له نصيبا ممن جعلت قرة عينه في الصلاة فمن قرت عينه بصلاته في الدنيا قرت عينه بقربه من ربه عز وجل في الاخرة وقرت عينه ايضا به في الدنيا ومن قرت عينه بالله قرت به كل عين ومن لم تقر عينه بالله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات وقد روي ان العبد اذا قام يصلي قال الله عز وجل "ارفعوا الحجب فاذا التفت قال ارخوها "
وقد فسر هذا الالتفات بالتفات القلب عن الله عز وجل الى غيره فاذا التفت الى غيره ارخى الحجاب بينه وبين العبد فدخل الشيطان وعرض عليه امور الدنيا واراه اياها في صورة المراة واذا اقبل بقلبه على الله ولم يلتفت لم يقدر الشيطان على ان يتوسط بين الله تعالى وبين ذلك القلب وانما يدخل الشيطان اذا وقع الحجاب فان فر الى الله تعالى واحضر قلبه فر الشيطان فان التفت حضر الشيطان فهو هكذا شانه وشان عدوه في الصلاة "
انتهى.
أيها الأكارم إن الصلاة تعتبر آكبر نعمة أنعم الله بها علينا تأتي علينا لحظات نكون فيها أسعد الناس عندما نخشع في صلاتنا نحس بقرب الله منا و مناجاته و حنانه و فضله الذي ألقاه علينا خاصة في السجود و التذلل بين يديه في الوقوف موقف العاصي المذنب... لكن غالبا ما يضيع منا الخشوع و ننسى أننا أمام من خرت له الرقاب و جثت له الركب هو فقط وحده لا غيره أمام الملك القدوس الذي بيده مقادير السماء و الأرض الذي إذا أراد أن يخسف بنا و نحن نفكر في غيره لفعل لكن رحمته كبيرة وهو أهل التقوى و أهل المغفرةفإن كنا لا نفكر فيه لحظة فهو سبحانه دائما يفكر فينا في كل واحد منا يحنو علينا يسامحنا نستغفره حتى نخجل و هو لا يمل من المغفرة.
عن أنس بن مـالك رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى :
يا ابن آدم :اِنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك على ما كان منك ولا أبالى
يا ابن آدم :لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتنى غفرت لك
يا ابن آدم : اِنك لو أتيتنى بقراب الأرض خطايا ثم لقيتنى لاتشرك بى شيئا لأتيتك
بقرابها مغفرة . (رواه الترمذى ).
عن النبى صلى الله عليه وسلم : قال : قال الله تعالى :
" من تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا ، ومن تقرب منى ذراعا تقربت منه باعا ،و من أتانى يمشى أتيته هرولة ، ومن لقينى بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بى شيئا لقيته بقرابها مغفرة ." (رواه البخارى ).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" والذى نفسى بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم مابين السماء والأرض ثم استغفرتم لغفر لكم. " ( رواه أحمد ، وفى صحيح الألبانى).
وفى حديث أبى سعيد مرفوعا " اِن الشيطان قال: وعزتك يارب لا أبرح أغوى
عبادك مادمت فى أجسادهم ، فقال الرب لا أزال أغفر لهم ما استغفرونى."رواه الحاكم.
فهل نحن أهل لهذه الرحمة و هذا الحنان الذي ما بعده حنان؟
سبحانك اللهم ما عبدناك حق عبادتك نظلم أنفسنا و نخطئ و نعصاك و عندما نستغفرك تغفر و لا تبالي..و أنت الجبار و أنت الغني و نحن الفقراء إليك و أنت القوي و نحن الضعفاء منك سبحانك سبحانك ما أعظم شانك.
نستغفرك اللهم و نتوب إليك.
و نأتي أيها الأفاضل لإدراج بعض الحلول النافعة بإذن الله لهذه المصيبة الدينية فنسأل الله العفو و الصفح.
أول شيء إسباغ الوضوء و الأذكار
كثرة الإستغفار
الدعاء بأن يعيننا الله تعالى على الخشوع بإخلاص
قصر الأمل في الدنيا و تذكر هاذم اللذات
عند الشروع في الصلاة نقرأ الفاتحة بتمعن في معانيها ونسأل الله أن نكون من عباده الذين أنعم عليهم
قراءة سورة من القرآن يكون فيها خشوع أكثر
إطالة الركوع و السجود
الطمأنينة في الصلاة و عدم كثرة الحركة و الوقوف المعتدل فأنت أمام الملك فلا تجعله أهون الناظرين إليك
تذكر و ضع في ذهنك أنك تناجي الله و كأنك في الجنة فأشفق من أن تكون في النار و ابك على حالك و تمن الجنة بكل ذل
تخيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم واقف أمامك يراقب صلاتك هل هي كما كان يفعل أم لا فإياك أن ترسب في امتحانك
تذكر أن الله أمامك فلا تلتفت عنه لا ببصرك و لا بقلبك فيأمر بإرخاء الحجب بينك و بينه كما في الكتاب
تذكر أن الدنيا لا تدوم لأحد ...
إخواني و أخواتي أرجو ألا أكون قد طلت عليكم لكن صدقوني لم أشعر بمرور الوقت لكونه أهم درس في حياتنا جميعا .
يا حي يا قيوم يا ذا الجلال و الإكرام يا ذا العزة التي لا ترام
نسألك يا فرجنا أن تنعم علينا بنعمة الخشوع و لذة الإنكسار إليك و التذلل و الخشية منك
فأنت الذي يغفر الذنوب جميعا فاغفر لنا يا ربنا تقصيرنا فنحن العصاة
جئنا إليك تائبين راكعين خائفين من عذابك الشدييييد
طامعين في حنانك و رحمتك
فإن لم تعفر و ترحم فمن ذه الذي يغفر و يرحم
ليس لنا رب سواك ندعوه فيستجيب لنا يا الله
و أنت القائل "أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء أإله مع الله"
لا و الله سبحانك لا إله غيرك تبنا إليك فأجب عبادك المضطرين
فنحن على بابك واقفين
و لن نبرح بابك حتى تجبنا يآآا اللــــه
لن نبرحه..........
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالميـــن
و أستغفر الله لي ولكم أجمعين ولا تنسوني من خالص دعائكم أخيكم
admin
الجمعة سبتمبر 03, 2010 9:24 pm
